فكر قبل أن تتكلم “حكاية طفل”

فكر قبل أن تتكلم “حكاية طفل”

كانت محطة قطار القاهرة مليئة بالركاب ينتظرون قطارهم ليذهب كل فرد إلى وجهته, كانت تلك المحطة بها مطاعم ومحلات لبيع الجرائد والمجلات وكان هناك مجموعة من الأطفال بصحبة معلمون ذاهبون في رحلة إلى الأقصر ومجموعة من الشباب ذاهبون لقضاء العطلة وأناس كثيرة ذاهبون إلى الأقصر لأسباب عدة.

وكان يقف بجانب مجموعة الأطفال رجل ومعه فتى في عمر خمسة عشر عاما ولكن سلوكه كان لافت للنظر فعند رؤيته للمحطة كان منبهرا بشدة وأخذ ينظر للقضبان بإندهاش وللجرائد والباعة المتجولين و للأطعمة في المحلات بانبهار شديد. ثم مر بائع الفاكهة فنظر الفتى إلى والده وأخبره بأنه يريد من تلك الفاكهة ولم يذكر اسمها فأخبره والده أن هذا هو التفاح فقال الفتى إن شكل التفاح شهي مثل طعمه تماما. كل هذا الحديث كان يسمعه الأطفال وهم مندهشون لهذا الفتى. لماذا هو منبهر بأشياء يراها كل يوم وليست بجديدة ولكنهم لم يقفوا عند حدود الاندهاش بل أخذوا يمزحون ويتهامسون بشأن ذلك الفتى.

ثم جاء القطار فصاح الأطفال والشباب فرحا بقدومه وجروا ليركبون القطار ويجلس كل في مكانه المخصص.ثم تبعهم الأب وابنه في الركوب وكانت مقعدهما قريبا من الأطفال. جلسا الأب وابنه وعاود الفتى مرة أخرى ينبهر بكل شئ وعندما بدء القطار في التحرك تحمس وفرح الفتى فرحا شديدا ويقول لأبيه أنظر إلى الشجر وكأنه يتحرك معنا أنظر إلى كل شئ حولنا وكأنه يجري. أخذ يخبر والده كم هو سعيد ومتحمس لرؤية تلك الأشياء.

ظل الأطفال ينظروا إلى الفتى بإستغراب واتفقوا على أن أحد منهم يذهب إلى الأب ليسأله ماخطب ابنه. وبالفعل ذهبت فتاة وسألت والده : ماخطب هذا الفتى إنه ينبهر بكل شئ وكأنه يراه لأول مرة وهو ليس طفل صغير لقد أثار فضولنا جميعا؟

صاح ولد من مجموعة التلاميذ بإستهزاء: لابد أن هذا الفتى مجنون.

فضحك الولد وأصدقاءه ساخرين من هذا الفتى. فحزن الفتى حزنا شديدا وقال لوالد:سأخبرهم أنا يا والدي بعلتي.

وقف الفتى موجها نفسه لهم وقال: أنتم تسخرون مني لأني أتصرف بشكل مختلف ولكن لم تفكروا لحظة في أسبابي. فأنا ولدت كفيفا وعشت قرابة الخمسة عشر عاما في ظلام أسمع صوت أمي وأبي وأنا لا أعرف شكلهم. أسمع صوت القطار ولا أعرفه حتى الطعام لا أدري ما شكله. وقدر الله تعالى لي أن أخضع لعملية جراحية تعيد لى نظري لذلك أنا سعيد ومتحمس لكل شئ حولي لأني أرى الدنيا لأول مرة. فأرجو منكم لا تحكمون على أحد حتى تعرفون ما مر به. وأحب أن أقول للولد الذي أستهزء بي ارجوك فكر قبل أن تتكلم.

صمت كل من في العربة وشعروا بالإحراج وقام كل أحد ليعتذر منه. فزادت فرحة الفتى واستأنف مشاهدته لكل شئ لأول مرة.

 

جدول المحتويات

راسلنا

أقرأ المزيد من تلخيصات الكتب