قصة أصحاب القرية
فى إحدى القرى، أو بالأحرى إحدى المدن الكبيرة” ويقال أنها مدينة أنطاكيا”. كان يحكم البلاد ملك كافر، جعل شعبه ينحرف عن عبادة المولى عز وجل وحده لاشريك له.
وقد عاش بطل قصتنا “حبيب النجار” فى بلاد ذلك الحاكم الظالم، وقد حفظ قلبه ماورثه له أجداده وآباءه من إخلاص لله سبحانه، فعبد الله حق عبادته، ولم يلبث ان يدعو الملك إلى الهدى والتوحيد.
فأنكر أهل قريته تلك الدعوة الغريبة على مااعتادته قلوبهم من ظلمة وضلال، وسخروا منه ونعتوه بالسحر واالجنون.
ولكن بعد فترة من دعوة حبيب النجار لقومكه إلى التوحيد، تحولت الأمور وبدأ الناس يتطاولون عليه بالسب والشتم بل وبالضرب والتعذيب أحياناً.
ترك حبيب النجار عمله وبيته وقريته وغادر مبتعداً عن هؤلاء القوم الظالمين. وآوى إلى غار فى مكان خارج قربته تحيطه الغابات من كل الجهات.
واتخذ من هذا الغار المهجور مسكنا له، ففيه يصلى ويدعوا الله ويبث حزنه وشكواه من ظلم ذلك الملك وأهل قريته المشركين الى المولى عز وجل.
وقد أرسل الله إلى أهل تلك البلاد رسولان آخران يقال فى بعض الروايات أن اسميهما هو “صادق ومصدوق”. وقد ذهب الرسولان الى الناس وجعلوا يجددون دعوة حبيب النجار التى سبقتهم بالهدى والتوحيد. فلم يسلما أيضاً من صيحات الاستنكار والتهديد والوعيد التى لاحقت دعوتهم الطاهرة تلك.
وحين وصل إلى مسامع حبيب النجار تلك الدعوة، آثر أن يلحق بهم فى محاولة جديدة لدعوة أهل قريته إلى عبادة الله وحده لاشريك له وترك عبادة الأصنام..
فقد كان حبيب النجار ورغم مافعله به أهل تلك القرية من عذاب وتنكيل وإهانة، إلا أنه كان يحبهم ويتمنى لهم الهداية.
فخرج حبيب إلى قومه قائلاً” ياقوم اتبعوا المرسلين. اتبعوا من لايسألكم أجرا وهم مهتدون”
فما كان من قومه إلا أن قالو: “أمازلت على ضلالك القديم؟” ظنناك قد تخلصت من أوهامك وعدت إلى صوابك؟ أمازلت تعبد إلهاك؟
فرد عليهم: وكيف لا أعبد من خلقنى . بل يجب عليكم أنتم أن تؤمنوا به أيضاً قبل أن يفوت الأوان.
فكيف بكم تعبدون آلهة لايسمعون ولايعقلون أتريدوننى أن أكون فى مثل جهلكم!!
فلم يتحمل أهل القرية تلك الكلمات التى أظهرت كذب ادعاءاتهم بأن ألهتهم أحق بالعبادة ووسوس الشيطان لهم، فألهب صدورهم بالحقد والغل، فقاموا إليه يضربونه حتى قتلوهوزهقت روحه الطاهرة إلى بارئها.
وقد
أراد القوم الفاسقين أن يلحقوا بالرسولان الآخران ليفتكوا بهم مثلما فعلوا بحبيب. ولكن أمر الله كان قد نفذ، وأُصدر الأمر إلى سيدنا جبريل عليه الشلام فصاح فيهم صيحة واحدة، انتزعت بيوتهم وأشجارهم من جذورها. فأصبحوا فى خبر كان.
أما حبيب فقد كانت الملائكة تتلقاه آمناً فى الجنه فيرى نعيمها الذى كان يُوعد به رؤى العين قال ياليت قولمى يعلمون بما أنعم الله على به جزاء صدقى وإيمانى
حتى فى الجنه وبعد أن قتلوه تمنى لو أنهم كانوا اهتدوا..
ايات قصة اصحاب القرية فى القران
تتحدث سور يس فى مجملها عن قصة أصحاب القرية ونذكر تحديدا ايات القصة فيها:
بسم الله الرحمن الرحيم
وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ (13) إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ (14) قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ (15) قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ (16) وَمَا عَلَيْنَا إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (17) قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ (18) قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (19) وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (20) اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ (21) وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (22) أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونِ (23) إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (24) إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ (25) قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (26) بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ (27) وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا كُنَّا مُنْزِلِينَ (28) إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ (29) يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (30) أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ (31) وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ (32)
صدق الله العظيم