قصص عن تغير الحال ، قصص واقعية وحكايات نسمع عنها يوميًا وفي كل مكان عن شخص تبدل حاله إلى حال أخر أو شخص انتقل من مرحلة إلى أخرى وكما يُقال دوام الحال من المحال. هناك قصة تحكي عن فأر وقع في إناء ممتلئ حتى منتصفه بالأرز. بالطبع فرح الفأر بهذة الغنيمة الممتازة، وظل كل يوم يأكل وهو سعيد ومرتاح البال فالحياة هنيئة والطعام وفير. حتى مضى شهرين ليتفاجأ الفأر بأن كل الطعام قد نفذ وأنه أصبح في مأزق بسبب حبسته داخل الإناء. هكذا هي الحياة تتبدل فجأة وتتحول إلى الضد بدون مقدمات. وفي مقال اليوم سوف نذكر قصتين عن تغير الحال.
قصة السيدة سماح
قصص واقعية كثيرة تحاوطنا وتحدثنا عن تبدل الأحوال إما للأفضل أو للأسوأ وقصة السيدة سماح هي واحدة من تلك القصص الواقعية المثيرة. السيدة سماح هي زوجة أصيلة وأم واعية عرفت كيف تحافظ على بيتها وعلى أولادها رغم ما عصف بها من مرارة الزمن وقسوة الحياة.
تعيش في إحدى الأحياء الشعبية زوجة لتاجر ميسور الحال وأم لولد وبنت. تحيا حياة مستقرة رغم ما تتحمله من ضرب الزوج لها وتطاوله اللفظي عليها. إلا أنها ورغم ذلك تصبر على مرارة لسانه وقوة يديه من أجل الحفاظ على اتحاد كيان الأسرة.
جاءت سمية الفتاة الفقيرة مكسورة الجناح لتعمل في إحدى محلات زوجها، وسرعان ما توطدت العلاقات بين سمية وسماح حيث اعتبرتها كأخت لها وطلبت من زوجها حسن معاملتها والرفق بها، نظرًا لظروفها المادية الصعبة وأنها تعول عائلتها الفقيرة. ولكن دائمًا ما تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، حيث استغلت سمية طيبة قلب السيدة سماح وأوقعت الحاج عادل التي تعمل عنده في شباكها حتى تزوجها وبعدها طلبت منه أن ينقل ملكية تجارته لها، ولأنه مخبول واقع في غرام وهمي وافق واعتبر سمية حياته القادمة وأمله البائد.
نسى زوجته وأبناؤه وانغمس في الحياة الجديدة حد الثمالة. كانت حياته في البداية هنيئة ناعمة حتى تغيرت سمية في معاملته وبدأت تتصرف في التجارة دون الرجوع إليه وأصبح بمرور الوقت ” خيال مآته” لا قيمة له، فاضطر للإتجار في المخدرات حتى يعوض ما خسر من أموال وذلك بإشارة من زوجته الجديدة طبعًا.
على الجانب الأخر يأست السيدة سماح من زوجها الذي توقف عن الإنفاق عليها وعلى بيته ولاحظت سوء الأحوال الذي آلت إليه حياته. فقررت السفر إلى المدينة التي يعيش فيها أهلها وأقامت معهم في بيت العائلة وعملت في إحدى شركات الغزل كخياطة لتتمكن من الإنفاق على ابنها الذي أظهر تفوق واضح في دراسته وعلى ابنتها الصغيرة المصابة بثقب في القلب.
تناقلت الأخبار عن جودة عمل السيدة سماح وانهالت عليها عروض العمل في المشاغل والشركات المجاورة حتى وافقت على إحدى العروض الممتازة ذات المرتب الأفضل من بينهم جميعًا. كما أشاد المعارف والجيران بحسن تربيتها لأبنائها.
كبر الأولاد وحصل ابنها على مجموع عالٍ بالثانوية العامة ودخل إحدى الكليات المرموقة وجاء العوض عندما رزقه الله بفرصة عمل في دولة من دول الخليج. فعاش هناك لسنوات جمع فيها مبلغ كبير من المال فبنى بيتًا مكون من طابقين، طابق له والأخر لأمه. وعثر على زوجة صالحة تحبه وعاش معها في رغد وراحة بال. كما استطاعت الست سماح ان تزوج ابنتها من إحدى أقاربها وهو رجل محترم معروف عنه حسن الخلق وقد أحسن معاملتها وأكرمها.
في الوقت ذاته كان الحاج عادل قد دخل السجن عندما ضُبط متلبسًا مع بضاعته المشبوهة ولكن السيدة سماح لم تتركه طوال فترة سجنه ولم تطلب الطلاق كما فعلت زوجته الثانية سمية. بل وقفت بجانبه وأعطت له كل ما استطاعت من اهتمام وأموال وكانت لا تفوت زيارة إلا وتذهب إليه محملة بالطعام وملبية كل ما يطلب من احتياجات.
عندما خرج من السجن طلب منها العودة إليه والعيش معًا مجددًا وكانت ابنتها قد تزوجت وأنجبت وكان ابنها مسافر ويعيش مع زوجته بالخارج. فوافقت على أمل أن تكون سنوات العقوبة قد أصلحت حاله وجعله السجن شخصًا أفضل. ولكن حدث العكس تمامًا حيث ازدادت أخلاقه سوءًا وازداد لسانه بذائة وامتدت يده تبطش أكثر من السابق. وأجبرها على بيع الشقة التي بناها لها ابنها وأن تفتح له حسابًا بنكيًا وتضع فيه المبلغ الذي تحصل عليه من بيع الشقة.
وأمام سوء طباعه وبشاعة الحياة معه اضطرت إلى فعل هذا لعله يهدأ. ولكنها كانت مخطئة مجددًا حيث استمر في ضلاله. في الوقت نفسه علم الابن بكل ما حدث مع والدته فقرر مساعدة أبيه بأن يرسله في رحلة حج أملًا في أن يتغير ويتوب عما يفعله بحق أمه وبحق نفسه. ولكن أيضًا لم تتبدل أحواله وكما ذهب إلى مكة كما رجع منها.
هنا طلبت السيدة سماح الطلاق منه كما طلبت من أبنائها حسن معاملة أبيهم. وهذا ما أمر به الدين فمهما بدر من الأهل لابد للأبناء أن يعاملوهم معاملة حسنة. وعوضًا عن كل ما مرت به تلك السيدة وكل المعاناة التي عانتها في حياتها، قرر ابنها أن يستقر للعيش في بلاده وعوضها عن الشقة التي باعتها واشترى لها بيت أكبر وأغلى وعاش معها هو وزوجته وأولاده الذين احسنوا معاملتها وأكرموا مثواها. حتى ماتت بين يديهم في هدوء. وقد انتقم الله من الحاج عادل حيث أصيب بمرض عجز الأطباء عن علاجه وقضى أواخر أيامه بين وجع الوحدة وشدة المرض.
قصة تأثير الصدقة
كان هناك رجل يعمل في إحدى المهن البسيطة معروف عنه صلاحه وتقواه ولكن في نفس الوقت يبدو عليه ضيق الحال وقلة الأموال. أصيب في يوم من الأيام بمرض عضال في القلب وكان لابد أن يقوم بإجراء حراجة حتى يستعيد عافيته وأمام كم المسؤوليات التي فوق كاهله قرر تأجيل العملية حتى يوفي احتياجات منزله أولًا.
علم زملائه بالعمل بالمرض الذي أصابه وأنه في حاجة ماسة إلى أموال تلك العملية خصوصًا مع تدهور حالته الصحية يومًا بعد يوم، فجمعوا له تبرعات وسرعان ما اكتمل المبلغ المطلوب. وذهب إلى الطبيب ليحدد له ميعاد العملية .وكان الطبيب مشغولًا للغاية فأجلها إلى شهر من اللحظة التي زاره فيها.
خلال تلك الفترة كان الرجل يتصدق بكثرة ويصلي الفروض والنوافل بلا انقطاع ويستغفر كثيرًا. ولكن أهم ما واظب عليه يوميًا مهما كانت ظروفه المالية هي الصدقة. مر الشهر سريعًا وذهب للطبيب من جديد من أجل إجراء العملية ومن هنا حدثت المفاجأة. حيث فوجئ الطبيب أنه لا أثر للمرض القلبي الذي أصابه، كشف عليه أكثر من مرة وأجرى له الأشعة والتحاليل وفي كل مرة تظهر النتيجة سلبية ولا أثر للمرض مطلقًا.
تعجب الطبيب ومن حول المريض كيف تختفي أعراض المرض تمامًا خلال شهر وبدون جراحة. وجاء رد الرجل أن السر في الصدقة، هي التي بدلت حاله من حال إلى حال، بدلته من رجل مريض قريب من الموت إلى رجل يتمتع بصحة ممتازة لا يعاني من أية أوجاع أو أمراض.
تناقلت القصة بين المتبرعين وفي الوقت ذاته قرر الرجل إرجاع الأموال إلى أصحابها فلم يعد بحاجة إليها بعد الآن. إلا أنهم رفضوا وقرروا مكافأته وترك الأموال له. فتصدق بجزء منها وقام بعمل عمرة يشكر فيها الله على تغيير قدره وعلاجه دون تدخل جراحي.