قصص قصيرة ، القصة القصيرة عبارة عن نوع من الأدب يعتمد على السرد والحكاية النثرية، وهو أقصر من الرواية من ناحية الحجم والطول. والقصص القصيرة تعرض حكاية في فترة زمنية قصيرة ومحددة لذلك الاتحاد في هيكل القصة القصيرة والبناء السليم المترابط من أهم عناصرها. وهناك كُتاب كثيرون برعوا في صياغة القصة القصيرة في العالم أجمع بشكل عام والعالم العربي بشكل خاص. وفي مقال اليوم سوف نذكر لكم مجموعة من أجمل القصص القصيرة على موقع قصص . كوم.
قصة الألم للكاتب الروسي تشيخوف
برع تشيخوف في كتابة القصة القصيرة ومنها قصة الألم التي تتحدث عن الخراط الذي يُسمى جريجوري بتروف.
نقل الخراط زوجته إلى المستشفى في جو روسيا القارص حيث وعورة الطريق بفعل الجليد وكان عليه أن يقود في هذا الجو لمسافة عشرين ميلًا. وطوال الطريق كان الرجل يتحدث إلى رزوجته المريضة ويطلب منها ألا تبكي وتصبر قليلًا حتى تصل إلى المستشفى وتأخذ الدواء. وبدأ في وصف مساوئ الطبيب حيث يسب ويصرخ في وجههم كل مرة ولكنه على أية حال رجل طيب وسوف يساعد زوجته في علاجها.
بينما يضرب الرجل الحصان على ظهره بالسياط بدأ يتخيل الحوار الذي سيدور بينه وبين الطبيب معتمدًا على خياله في المواقف السابقة بينهم. حيث سيغضب الطبيب على وصولهم في وقت متأخر بينما يحلف الخراط أنه انتقل منذ الفجر ولكن ماذا عساه أن يفعل في الطريق المغلقة بفعل الجليد المتراكم، فلن يتمكن حتى أمهر حصان من الوصول في وقت مناسب.
ثم يصرخ الطبيب في وجه ويقول له لماذا لا تعتني بزوجتك المسكينة بينما تذهب لتسكر يوميًا، أنت تستحق الجلد. فيؤكد الخراط على كلام الطبيب ويتوسل إليه أن يعالجها. وهكذا ظل الخراط يستكمل الحديث مع نفسه طوال الطريق ظنًا منه أنه يخفف عن زوجته المريضة.
بدأ الرجل يتذكر ما قام بفعله أمس مع زوجته حيث إنهال عليها وضربها ضربًا مبرحًا. وتذكر شكل عيناها الثابتتين كأنها لوحة لمتوفي لا تعبير فيهما. وشعر بالخجل من نفسه وطلب منها الغفران لأنه لم يكن واعيًا حينها واخبرها ألا تقول للطبيب على ضربه لها ولن يفعلها ثانية.
وفجأة أرخى الخراط اللجام وبدأ يفكر ولم يكن بمقدوره الاستدارة التامة نحو زوجته حتى حسم أمره وتوجهه بجسده إليها وأمسك يدها فوجدها باردة كالثلج وعندما تركها سقطت كقطعة خشب فصدرت صرخة قوية منه حيث وجدها ميتة.
ولم يشعر بالحزن بقدر شعوره بالسخط فلقد عاش طوال حياته يسيء معاملة زوجته ولم يعش معها مشاعر جميلة بسبب السكر والعربدة والفقر المدقع طوال أربعين عامًا. وشعر بأن موتها في هذا الوقت بالذات الذي شعر فيه بالندم ناحيتها وأنه لا يستطيع العيش بدونها ما هو إلا رد فعل منها لتثير غيظه.
ثم تنبه لنفسه وفكر أن الأولى الآن أن يدفنها فلم يعد هناك حاجة للطبيب، ووجه العربة عائدًا لدفنها وفي ذات الوقت ازداد الجو سوءًا وانعدمت الرؤية مطلقًا. وتذكر كيف كانت زوجته قبل أربعين عامًا، جميلة مرحة ومن عائلة ميسورة الحال. ورضى أهلها أن يزوجوها منه فقط لأنهم سمعوا بأنه خراط بارع. وكان شابَا جيدًا حتى شرب حد الثمالة في ليلة زفافه ومن يومها وأصبح مدمنًا للخمور لا يتذكر شيئًا عن حياته سوى يوم عرسه وأنه كان سكرانًا طوال الوقت يتشاجر مع الجميع حتى ضاعت أربعين سنة من حياته على هذه الشاكلة.
راح يفكر لو أنها تحيا مرة أخرى سيشتري مخرطة جديدة و يجلب لها المزيد والمزيد من المال. ومع قدوم الليل وإزدياد العتمة والبرد ترك الخراط زمام الأمور للحصان وقال أنه يعرف طريق العودة جيدًا وفكر في النوم حتى يستريح بدنه قليلًا قبل الجنازة.
دخل في إغفاءة قليلة وعندما فتح عينيه وكانت مثقلة الجفن وجد نفسه في مكان أشبه بالكوخ ومليء بالقش وسرعان ما استسلم للنوم من جديد من شدة الإنهاك. عندما استيقظ من جديد رأى أنه في غرفة مطلية الجدران وضوء الشمس يتسلل إليها من النوافذ. فقال بصوت حازم: هيا هيا لابد من دفن زوجتي والصلاة على روحها.
ليتفاجئ بأنه أمام طبيب المشفى الذي كان ذاهبًا إليه مع زوجته، ووجد نفسه مبتور الساقين والقدمين وعندما سأله أين أطرافه أجابه الطبيب بأنه كان لابد أن يفعل هذا لأنهم وجدوها متجمدة بفعل الجليد.
قال الخراط للطبيب ولكن عليك أن ترد لى أطرافي فأنا أود العيش لخمس أو ست سنوات إضافيه، وعندما سأله الطبيب عن السبب قال له بأن الحصان ليس ملكه وعليه رده لأصحابه كما أن عليه دفن زوجته، فكان رد الطبيب لقد عشت لستين سنة وهذا يكفي. أوه لقد مرت الأشياء سريعًا جدًا.
قصة نعل الملك
هي إحدى قصص الحياة التي تحكي عن ملك وسيم ذو شأن يحكم دولة مترامية الأطراف، وكان يحب الرحلات البرية الطويلة. وفي خلال إحدى رحلاته الشيقة وجد أن قدماه قد ألمته وتورمت بفعل المشي لمسافات طويلة جدًا خصوصًا أن الطريق كانت وعرة للغاية، والأحذية حينها كانت عبارة عن قطعة من الجلد تحمى القدم من أسفل فقط ولا يوجد بها نعل يحمها من قسوة الطرق والجبال.
وبفعل تلك الحادثة أصدر قرارًا رسميًا بأن تُغطى الأرض كلها بالجلد على امتداد مملكته الواسعة حتى لا يتأذي ثانية ولكنها كانت فكرة مكلفة جدًا وصعبة التنفيذ. وهنا اقترح عليه أحد مستشاريه بأن يرتدي هو شخصيًا قطعة من الجلد أسفل قدمه حتى تحميه من أذى ووعورة الطريق.
فاستجاب له الملك وأعجب بفكرته وكانت تلك هي بداية فكرة عمل نعل للأحذية، حيث تهون من مشقة السفر ولا تأذي القدم مهما كانت مسافة السير. واستدعى الملك صانعى الأحذية في مملكته وطلب منهم صنع نعل لكافة الأحذية من خلال رقائق الجلد ثم يتم توزيعها على رعاياه.
أما عن الدرس المستفاد من تلك القصة فهو أن إعمال العقل أمر لابد منه وقد حثنا عليه الله سبحانه وتعالى حيث قال في كتابه العزيز بسورة آل عمران ” الذين يذكرون الله قيامًا وقعودًا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلًا سبحانك فقنا عذاب النار”
كما أن السماع لمشورة الآخرين ربما يكون حلًا مفيدًا في الكثير من الأوقات. علاوة على أن تحقيق المنفعة العامة هو أمر لابد منه حتى يستفيد كل الناس وهذا كله استفدناه فقط من قصة نعل الملك.
قصة الطبيب
في حياتنا قصص واقعية كثيرة جدًا يمكن أن نطلق على واحدة منها أنها قصة قصيرة واقعية والأخرى قصة طويلة واقعية. ولكن في النهاية تبقي الحكاية مستمدة من الواقع بغض النظر عن طول أو قصر القصة. وقصة الطبيب إبراهيم هي واحدة من تلك القصص.
إبراهيم شاب طموح يقدر أهمية العلم والمعرفة فنى عمره ما قبل الجامعي كله يبحث بين الكتب عن إجابات ترضى عقله الجائع والطماع في المزيد من الإداراك والعلم. ورغم ظروفه القاسية التي يعيش فيها من فقر وقلة حيلة وكثرة عدد الإخوة والأخوات إلا أنه تمكن من الالتحاق بكلية الطب وأثبت فيها كفائته حيث كان يحتل المرتبة الأولى دائمًا على دفعته.
كان الطبيب إبراهيم يحلم باليوم الذي سينال فيه الشهادة ويتخرج حتى يتمكن من الإنفاق على نفسه وأهله ويصبح طبيب له قيمته. ولكن حدث ما لم يتوقعه أحد ففي أثناء عبوره الطريق في إحدى الأيام قاصدًا كليته مر بحدثة بشعة تسببت له في ضرورة إجراء عمليات جراحية بالعمود الفقري.
وما زاد الأمر سوءًا هو أنه لن يتمكن من المشي مرة أخرى فأصبح قعيد مشلول. وهنا تحطمت آماله وفقد ثقته بنفسه لفترة طويلة وامتنع عن الذهاب للجامعة وشعر أن مستقبله على المحك وظل في كآبته لشهور عدة. حتى زاره أحد أصدقاؤه القدامى وعرض عليه أن يعود للرسم مرة أخرى حيث كانت هواية إبراهيم المفضلة هي الرسم وكان حقًا فنانًا بارعًا. فكر إبراهيم في الأمر وبدأ بالعودة تدريجيًا للرسم والإبداع.
وبدأ ينشر ما يرسم على صفحته الخاصة بموقع فيس بوك وبمرور الوقت زاد عدد زوار الصفحة وانهالت عليه الإعجابات والتعليقات الإيجابية وتشجع أحد الرسامين المشهورين وعرض عليه إقامة معرض مشترك لفنهما معًا.
تحمس إبراهيم للفكرة ووافق بلا تررد وبالفعل حقق المعرض نجاح وشهرة واسعتين ومن بعدها كثُرت عروض الرسم والمعارض على إبراهيم حتى أصبح أشهر رسام في دولته. فحمد الله على تلك المحنة التي مر بها لأنها سرعان ما أصبحت منحة جلبت له الكثير من النقود والشهرة، لم ينسى الطبيب الطب ولكنه ظل يقرأ فيه ويطلع على أمل أن يعود لممارسته مرة أخرى.