فتح القسطنطينية على يد محمد الفاتح – يعد فتح القسطنطينية أحد أبرز الأحداث التاريخية التي وقعت من خلالها عاصمة الإمبراطورية البيزنطية في يد المسلمين التي تمثلها الدولة العثمانية، بعد أن تم حصارها عدة أسابيع
فقد كان فتحها حلم يراود المسلمين، منذ أن سمعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يبشرهم بفتحها فعن عبد الله بن عمرو بن العاص: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم، أي المدينتين تفتح قسطنطينية أو رومية؟ فقال صلى الله عليه وسلم: مدينة هرقل تفتح. ومدينة هرقل هي قسطنطينية.
محاولات المسلمين لـ فتح القسطنطينية قبل محمد الفاتح
-
المحاولة الأولى
كانت في عهد معاوية بن أبي سفيان عام 49 هجرياً، عندما أرسل لهم حملة عسكرية ضخمة عن طريق البر برية من أجل حصار المدينة.
كان يقود الحملة فضالة بن عبيد الله الأنصاري، الذي قام بالتوغل في الأراضي البيزنطية حتى وصل إلى مدينة قريبة من الرومية.
ظل فضالة بن عبيد الله الأنصاري هناك طوال الشتاء وكان معاوية بن أبي سفيان يمده بالمؤن التي يحتاجها طوال فترة الحصار.
كان يقود تلك الإمدادات والمؤن سفيان بن عوف، ثم أرسل معاوية ابنه يزيد على رأس قوة إضافية ومعه أبو أيوب الأنصاري من أجل زيادة قوة الجيش ومواصلة الحصار.
قامت قوات المسلمين بمواجهة قوات الجيش الرومي تحت أسوار القسطنطينية في معارك التحامية.
توفى أبو أيوب الأنصاري في المعركة ودفن هناك ولم يستطيعوا المسلمين الانتصار مما جعلهم يضطروا إلى فك الحصار والعودة إلى ديارهم.
- المحاولة الثانية
كانت في عام 54 هجرياً وكان الحصار من القوات البحرية التي كان يقود أسطولها جنادة بن أبي أمية الأذري.
فقد قام جنادة قبل الحصار بفتح جزيرة أرواد القريبة من قسطنطينية حتى يتخذها المسلمين قاعدة ينطلقوا منها.
حدثت بعض الواجهات البسيطة أثناء الحصار بين الأسطول الإسلامي والبيزنطي، بينما تواجهت القوات البرية بالقذائف والسهام مع الجنود الروم المتواجدين حول أسوار المدينة.
. استمر هذا الوضع لمدة سبع سنوات وصمدت قسطنطينية أمام الحصار، فلم يستطيع المسلمين تحقيق أي انتصارات بسبب تركيزهم على حصار المدينة من البحر وتركوا الطريق البري مفتوح أمام المدينة مما جعل الإمدادات والمؤن تصل إليهم.
قرر بعدها معاوية بن أبي سفيان أن يعود الجيش إلى دمشق، وقام بعقد هدنة طويلة مع الروم استمرت ثلاثين سنة.
- المحاولة الثالثة
كانت في عام 98 هجرياً حينما عاد المسلمين مرة أخرى لفتح القسطنطينية وكان ذلك في خلافة سليمان بن عبد الملك الذي قام بتكوين جيش بري وبحري من أجل فتح المدينة.
اتخذ سليمان بن عبد الملك مدينة دابق معسكر للجيش البري الذي بلغ عدده 180 ألف جندي، كما أطلق 1800 سفينة بحرية بقيادة أخيه مسلمة بن عبد الملك.
قام بفتح عدة فتح ثغرات على طول الطريق وقاموا بحصار المدينة من جهة البر، بينما تحرك الأسطول البحري باتجاه مضيق الدردنيل وبحر مرمرة وتم حصارها من البحر.
قام مسلمة بن عبد الملك بنصب المجانيق الضخمة على المدينة وضربها، لكن الأسوار صمدت أمام الضربات بسبب مهارة المهندسين الروم الذين كانوا يقومون بترميم ما تهدم من السور بأقصى سرعة.
ثم جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن حيث هبت عاصفة بحرية قوية قامت بتحطيم عدد كبير من السفن الإسلامية.
انتهز البيزنطيون الفرصة وأحرقوا عدد كبير منها بالنار مما جعل الجيش الإسلامي يعجز عن حصار الجبهة الشمالية للعاصمة فاستطاعت عن طريق سواحل البحر الأسود استلام جميع الإمدادات والمؤن.
ثم قام البلغار بالاتفاق مع الإمبراطور الرومي بالهجوم على جيش المسلمين، ثُم توفي بعدها سليمان بن عبد الملك.
تولى بعده عمر بن عبد العزيز فقام بإرسال كتاب إلى مسلمة يأمره فيه بفك الحصار والعودة إلى دمشق.
-
المحاولة الرابعة
كانت في بداية العهد العثماني عن طريق السلطان بايزيد الأول في عام 793 هجرياً، عندما قام بحصار القسطنطينية، وأجبر الإمبراطور عمانوئيل پاليولوك الثاني على قبول شروط الصلح، حتى يتفرغ لقتال الحلف الأوروبي الصليبي في البلقان بعد أن انتصر قام بالسيطرة على جزء من شبه جزيرة المورة
بعد امتنع الإمبراطور البيزنطي عن الوفاء بالتزاماته وعهوده تجاه الدولة العثمانية، عاد السلطان بايزيد الأول يلتفت نحو القسطنطينية مرة أخرى، فقام بعزل العاصمة وأحكم الحصار عليها، بعد أن قام ببناء قلعة الأناضول على مسافة 8 كيلو متر من ساحل مضيق البوسفور.
كاد العثمانيين أن ينجحوا في الدخول إلى المدينة، لكن دخول المغول للمنطقة بقيادة تيمورلنك جعل السلطان بايزيد يلجأ إلى فك الحصار عن القسطنطينية ثم قرر السير لمواجهة المغول في سهول أنقرة، لكنه وقع أسير في يدهم حتى مات.
-
المحاولة الخامسة
بعد أن توفى السلطان بايزيد انقسمت الدولة العثمانية إلى دويلات وإمارات، فقرر سلطان الروملي موسى چلبي بن بايزيد في عام 816 هجرياً أن يقوم بمحاصرة القسطنطينية ليستأثر بها لنفسه.
استنجد إمبراطور القسطنطينية بمحمد شقيق موسى بن بايزيد، فذهب وأجبر أخاه على رفع الحصار عن المدينة وبعدها قبض على أخيه وقتله.
-
المحاولة السادسة والأخيرة
كانت في 3 رمضان عام 825 هجرياً، على يد مراد الثاني بن محمد جلبي الذي توجه إلى القسطنطينية ومعه قوات عددها خمسين ألف جندي وحاصرها للانتقام من الإمبراطور عمانوئيل الثاني بعدما أطلق سراح عم مراد الذي لجأ إلى الإمبراطور من أجل المطالبة بأخذ العرش العثماني من ابن أخيه.
اشتبك العثمانيون مع جنود المدينة في معركة عنيفة عند أسوار القسطنطينية، لكنهم فشلوا في فتحها بسبب قيام ثورة في الأناضول كان يترأسها أُمراء القرمان والكرميان بقيادة الشاه زاده مصطفى عم مراد الثاني.
. وفي يوم 16 محرم سنة 855هـ اعتلى محمد بن مراد العرش وعرف بمحمد الثاني، وخرج عن حكمه جزء من إمارة القرمان ومدينة سينوپ ومملكة طرابزون الرومية، وبعدها صارت الإمبراطورية البيزنطية مقتصرة على مدينة القسطنطينية وضواحيها.
حصار محمد الفاتح للقسطنطينية
تم فتحها على يد السلطان محمد الفاتح وكان وقتها عمره 21 عاما.
كان الحصار ضد البيزنطيين والبنادقة والجنوبيين الذي كان يقودهم قيصر الروم قسطنطين باليرموك الحادي عشر.
استمر المسلمين في الحصار لمدة تقارب 56 يوم تحديدا من 26 ربيع الأول عام857 هـ حتى 21 جمادى الأول.
استعداد السلطان محمد الفاتح لـ فتح القسطنطينية
قام السلطان محمد الفاتح بإجراء بعض الاستعدادات والخطط من أجل فتح القسطنطينية حتى يتأكد من نجاحها بعد أن
فشلت كل المحاولات السابقة لفتحها.
قام ببناء قلعة على البر الأوروبي تطل على مضيق البوسفور.
اختار موقع القلعة ليكون أمام القلعة التي بناها السلطان بايزيد الأول على البر الآسيوي.
قام بمنع مرور أي إمدادات للقسطنطينية بعد أن تحكم بمضيق البسفور.
فتح القسطنطينية
استنجد بالنصارى المتواجدين في أوروبا من أجل إرسال إمدادات ومساعدات حربية له.
أرسلوا له 30 سفينة حربية و180 سفينة، بينما كان يحاصر القسطنطينية 250 ألف جندي عثماني.
أثناء الهجوم اصطدمت سفن العثمانيين مع سفن الأوروبيين مما جعلهم يهربوا للقرن الذهبي وقاموا بإغلاق السلسلة.
قام العثمانيين باستخدام الألواح الخشبية التي تكسيها الدهون من أجل انزلاق السفن عليها من البسفور حتى القرن الذهبي.
قاموا بهدم الأسوار الضعيفة بالمدافع حتى استطاعوا الدخول إلى القسطنطينية في فجر 15 جمادى الأولى.
تم قتل السلطان قسطنطين وأمر محمد الفاتح بإقامة الآذان في كنيسة آيا صوفيا.
ثم بعد ذلك قام بتحويل الكنيسة إلى مسجد وتحويل اسم المدينة إلى إسطنبول وظلت عاصمة للخلافة العثمانية.